نهر المـــاء المغلي … أسطورة الأمازون حقيقة!
لعقود طويلة، اعتاد سكان بيرو المحليون الحديث عن احد تفرعات نهر الامازون، نهر ماءٍ مغلي، قاتل.
واستناداً للأسطورة فإن الغزاة الاسبان تجرؤوا على الدخول إلى غابات الأمازون المطيرة بحثاً عن الذهب، لكن قليلاً منهم عادوا، ليتحدثوا عن مياه مسمومة، وأفاع تبتلع البشر، ونهر ماء مغلي يجري في اعماق الغابة.
بالنسبة للجيولوجي أندرس ريزو Andres Ruzo كانت هذه الاسطورة من امتع قصص طفولته، لكن الأمر تغير بعدما حصل على شهادة الدكتوراة في علوم الحرارة الجوفية الأرضية، مما دفعه للتساؤل: هل للأسطورة جذور حقيقية؟
لكن اجابة الخبراء كانت قاطعة هنا، ومخيبة للآمال : لا. صحيح أنه يوجد انهار مياه ساخنة في العالم - وذلك نتيجة للأنشطة البركانية - لكن لا براكين في المنطقة التي تتحدث عنها الأسطورة.
في احدى العطل واثناء اجتماع العائلة تساءل ريزو عن اصل القصة، وما ادهشه أن والدته أخبرته أن النهر
ليس موجوداً حسب، بل لقد سبحت فيه هي وخالته منذ سنوات طوال!.وهنا بدأت رحلة البحث في اعماق الغابة، وشاهد ريزو النهر للمرة الأولى.
وبعقلية العالم وشكوك الخبير، كان أول ما فعله هو ان اخرج ميزان الحرارة من حقيبته.كان معدل درجة حرارة المياه يعادل 68°مئوية، ليست درجة غليان لكنها ساخنة بما يكفي. وهذا يعني أن الاسطورة، حقيقية.
هنا برزت معضلات زادت في غموض هذا اللغز بالنسبة للجيولوجي ريزو، أولها الحجم.
تعتبر الينابيع الساخنة ظاهرة شائعة في الكثير من دول العالم، لكن حجمها لا يقارب حجم نهر ابداً. المشكلة هنا أن ابعاد هذا النهر هائلة بحق : عرضه 25 م، وعمقه 6 أمتار، ويمتد لمسافة 6.24 كم!
اضف إلى هذا كله أن اقرب بركان يبعد عنه مسافة 700 كم!، وهذا يقطع علاقة البراكين بدرجة حرارة الماء المرتفعة. وهذا يجعله النهر الوحيد في العالم الذي يشتعل بلا براكين.
5 سنوات قضاها ريزو في البحث والتحليل، بين النهر وبين المعمل. أوضح التحليل الكيميائي للماء أنها مياه امطار عادية، وليست مياهاً جوفية. وهنا وضع ريزو فرضيته.
يعتقد ريزو أن مياه هذا النهر هي مياه أمطار سقطت عند نقطة المنبع - في اعلى جبال الانديز - ثم هبطت إلى باطن الأرض حيث تم تسخينها بفعل الحرارة الجوفية الأرضية ( ترتفع الحرارة كلما زاد العمق بسبب ارتفاع الضغط ) ثم تخرج مكونةً نهر المياه المغلي هذا.
من الجدير بالذكر أنه وبالتعاون مع خبير بيولوجي وجد ريزو أنواعاً جديدة من الكائنات الدقيقة التي تكيفت على العيش في درجات الحرارة المرتفعة هذه، غير أن الحيوانات لم تستطع أن تفعل المثل؛ فكثيراً ما شاهد ريزو أثناء الدراسة حيوانات تتعثر وتسقط في الماء فتغلي - ابتداءً من عيونها - وتموت..فلا أحد يستطيع السباحة بفم ورئة مليئان بالماء المغلي.
يستطيع الانسان السباحة في هذا النهر، لكن فقط بعد سقوط الكثير من الامطار عليه وذلك للتخفيف من درجة حرارته، وما أمله ريزو الآن هو أن تسعى حكومة بيرو أن تجعل هذا المكان محمية طبيعية لحماية النهر وما حوله.
0 Comments